تريد أن تصنع ثروة؟ افعل ما تحبّ ......


غالبا ما يقودنا الانقسام بين "ما نحن عليه" "وما نقوم به" أو بمعنى آخر بين "شخصيتنا" و"أفعالنا" إلى العيش في عالمين متوازيين، أولهما يتمثل في الحياة العملية، والآخر في الحياة الخاصة، واللذين نادرا ما يلتقيان في الأهداف ومستوى الارتياح والالتزام.

وبحكم العادة، فإننا أصبحنا نعيش بشكل طبيعي في هذين العالمين المتوازيين على الرغم من اختلاف قوانين اللعبة المتبعة فيهما، بل وتناقضها في الغالب، وعلى هذا فإننا نضع أقنعة نذهب بها إلى العمل ونتواصل بها، ثم نقوم بخلعها في منازلنا ومع أقاربنا وأصدقائنا، ولذا غالبا ما ننسى حقيقتنا.

ويعود هذا الازدواج إلى الرغبة في تأمين الحياة من الناحية المادية، وهو الأمر الذي يعتمد بالنسبة لكثيرين على ضمان وظيفة بدخل شهري ثابت، كان أجدادنا يفضلون في الماضي أن تكون حكومية لضمان المزيد من الاستقرار.

غير أنه في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، والتي يترتب عليها تسريح العمالة سواء في القطاعين العام أو الخاص، لم تعد الوظيفة هي الحل الوحيد الذي يتوقف عليه الشعور بالأمان المادي، وبالتالي فإن العمل في أي مجال لمجرد تحقيق المكاسب وتحسين الدخل حتى وإن كان لا يروق لنا ولا يتناسب مع شخصيتنا، لم يعد الوسيلة المضمونة لحياة سهلة ومريحة.

وفي هذا السياق يشير رايمون سامسو، المستشار النفسي الإسباني ومؤلف كتاب "El código del dinero" أو "قانون المال"، إلى أن "هذا الأمر قد يكون معتادا، ولكنه ليس طبيعيا، فانعدام التناغم يتسبب في هدم حياة الكثير من الأشخاص على الصعيدين الشخصي والاقتصادي، وعواقب العمل فيما لا نحب تدفع الكثيرين إلى اللجوء للاستشارات النفسية".

وأضاف الخبير أنه من السهل إحراز تقدم على الصعيد الاقتصادي إذا ركز الشخص في عمل ما يحب وما يجعله سعيدا، وما يكون له صلة برغباته وانتماءاته، بدلا من التفكير في كيفية زيادة أرصدة البنوك والولع بتكديس السلع المادية، وان بدا إتباع هذه النصيحة بذخا وترفا في ظل أزمة اقتصادية كتلك التي نعيشها.

وعلى الرغم من أن بعض التيارات الفكرية والمستشارين في مجال العمل يوصون بإتباع المقولة الشهيرة "حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب" حتى وأن لم يرق لنا هذا العمل ولا يرضينا مطلقا، فان سامسو بالعكس يرى أن المفتاح الحقيقي للكنز أو الثروة يتمثل في عمل ما نحب، لأن الوصول للرفاهية يتطلب أن نتصل بشخصيتنا الحقيقية التي تعمل بمثابة صوت داخلي يرشدنا إلى ما يرضينا بعيدا عن الأقنعة الاجتماعية.

وأوضح سامسو: "غالبا ما يعرف الأشخاص الذين يطلبون مشورتي ما لا يحبونه جيدا، ولكنهم يجهلون تماما ما يحبون، فقليلون هم هؤلاء الذين يضعون لأنفسهم أهدافا في الحياة، ويعيشون في الدنيا كما لو كانوا تائهين أو مترجلين أو حتى في حياة آخرين، وليس حياتهم".

ويرى الخبير أن الكثير من الأشخاص يميلون إلى ما هو "معروف" أو "مضمون"، فيما يتعلق بالمال والعمل، حتى وان لم يكن مصدر سعادتهم، كذلك يرون أن الراحة في الأمان المادي على الرغم من أن التجربة أثبتت بالدليل أن هذا الأمر ما هو إلا أوهام خالصة لأن الوظائف لم تعد مضمونة مثل الماضي وتظل آمنة فقط حتى وقت التسريح.

وأكد سامسو "رفع المستوى والتغيير يقبعان خارج المنطقة الآمنة أو المريحة، والآن حان وقت شحذ الهمة، واستجماع الشجاعة والجرأة من أجل الإقدام على حياة أفضل اقتصاديا، فقد حان وقت التغيرات الكبرى، وخاصة في العقليات".

ووفقا لسامسو، فإن الأشخاص "لا يعانون من مشكلة في المال، وإنما في معتقداتهم حوله، فالاقتصاد الشخصي هو ثمرة ما نعرفه وما لا نعرفه واختياراتنا وعاداتنا وما نفكر فيه، والنبأ السار الآن هو أن الاعتقاد والفكر يمكن تغييرهما".

ويقول الخبير: "ما هي معتقداتك حول المال، فيم فكرت قبل اليوم كي تجعل الجانب المالي من حياتك على ما هو عليه الآن؟ وبغض النظر عن عملك، فإن الإجابة القاطعة على هذا السؤال هي البحث عن الحب"، فلو أحب الفرد ما يعمل، فإنه لن يعود "للعمل" بالمعنى التقليدي للكلمة، ولو ليوم واحد في حياته.

وأكد "في عالم يرتفع فيه سعر كل شيء، وتنخفض فيه الأجور، لا يبدو التعيين في وظيفة حلا جيدا، فإذا أراد الشخص كسب الحرية ورغد العيش والتحكم في الذات، فإن القرار الصائب هو البدء في مشروع خاص نافع يعتمد على الموهبة وتقديم خدمات للآخرين..مشروع يقوم على قليل من الأموال وكثير من الخيال".

وتتمثل النصيحة الذهبية لهذا الخبير في "الإقدام ثم الإقدام على خلق مصدر خاص للدخل، وإضافة قيمة للعالم بمقترح مؤثر، فإذا فقد شخص عمله ولم يجد آخر، فينبغي عليه توفير فرصة عمل لنفسه وأن يتشجع ليفعل ما يؤمن به حقا ويحبه ويتفق مع القيم المترسخة بداخله".

0 comments:

Blog Tips
Blog Tips
2009@ سوالف عراقية

اشترك معنا في سوالف عراقية