من طرائف نوري السعيد





كثيرة هي الحكايات الطريفة التي رواها بعض الناس وخاصة ممن عايشوا فترة الحكم الملكي، عن الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق، والذين يروونها هم من (اهل الله) بسطاء في حياتهم حكماء في اقوالهم وفهمهم للحياة..
ومن هذه الحكايات حكاية طريفة رواها احد البغداديين من كبار السن ومفادها:اعتاد الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي ان يجلس كل ليلة في داره الواقعة بمنطقة الكرادة المطلة على نهر دجلة، مع عديله وزير الدفاع جعفر العسكري الذي يزوره كل يوم ويتبادل معه اطراف الحديث عن وضع البلد والحياة العامة وهما يشربا قنينة الشراب التي اعتاد الباشا جلبها معه يوميا عند عودته ظهرا من مكتبه.. وذات يوم من تلك الايام نسي الباشا ان يجلب معه عند عودته من عمله قنينة الشراب، حيث انشغل في ذلك اليوم بالوفد الاجنبي الذي زاره في مكتبه.. وعندما حان وقت الليل وجاء جعفر العسكري كالعادة ولم يجد شرابا، اقترح على الباشا العبور الى جانب الكرخ بالبلم والذهاب الى محلة الشواكة ويشربا هناك، فوافق الباشا على ذلك وعند نزولهما الى ضفاف النهر وجدا احد البلامين جالسا في بلمه وبجانبه (لاله) ذات ضوء خافت، وبعد ان القوا السلام عليه طلب منه جعفر العسكري ان يعبرهما الى جانب الكرخ، والبلام لم يعرفهما، حيث اعتذر منهما بحجة ان ماء النهر في هذا الوقت كان غير مستقر وامواجه عاليه وذلك لمرور بعض الدوب الكبيرة المحملة بالنفط منه.. واستفسر البلام منهما عن حاجتهما بالعبور فاجابه جعفر العسكري لنشرب كاسا من الشراب في الشواكة، فضحك البلام الذي مازال لم يعرفهما وقال لهما: عندي في البلم مبتغاكما ربعا عرق مستكي اصلي وعندي ايضا كاسين وعدد من الخيار والطماطة والمشكلة محلولة واتفضلوا اشربوا اهلا وسهلا.. ضحك الباشا وشكر البلام على ذلك الكرم البغدادي، فقبلا دعوته وجلسا داخل البلم وبدأ البلام يحضر لهما الكؤوس والشراب وقدم لهم كذلك الخيار والطماطة وبدأ يشربان ويتبادلان الحديث عن وضع ماء النهر اليوم وعن امواجه المتلاطمة وبعد ان اوشكا على نهاية الشراب وشعرا بالراحة وقضاء وقت ممتع في تلك الليلة الصيفية القمرية، مع هذا البلام البغدادي الكريم الطيب، فسأله جعفر العسكري هل تعرف ايها البلام الطيب من نحن؟ فاجاب بالنفي لم اعرفكما... ولا زغرا بكما... ثم اردف العسكري قائلا: هل من المعقول لم تعرف هذا الرجل، اشار الى الباشا نوري السعيد ولم تشاهده في التلفزيون؟ فقال البلام بعد ان نظر اليهما، لم اعرفه... فاجاب العسكري هذا الباشا نوري السعيد وانا جعفر العسكري وزير دفاعه... فضحك البلام بصوت عال قائلا: (يمعودين شرب كل واحد منكم كاسين من العرق، صار واحد الباشا نوري السعيد والاخر جعفر العسكري وزير الدفاع...لعد لو تشربون اكثر فماذا ستصبحون؟ فضحك الباشا والعسكري، وبعد لحظات من الصمت بدأ البلام يتفرس في نظره الى الباشا والى العسكري ثم تذكر واستعادة ذاكرته صورة الباشا نوري السعيد وصاح بصوت عال قائلا: لك اي والله هذا الباشا وهذا العسكري). ثم انحنى ليقبل يد الباشا ويعتذر منه عما صدر منه من كلام قد يكون غير لائق في حضرته... ثم اخرج الباشا من جيبه مبلغ من النقود واعطاه الى البلام الذي شعر بالفرح والسرور... هذه هي ايام زمان... بساطة وتواضعاً وكرماً وحسن نية.
*************************************************************
 لماذا امر باغلاق الحمامات والمرافق عن النواب في دعوة العشاء

منْ منا لم يسمع بالباشا نوري السعيد رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي، السياسي الداهية الذي تردد اسمه في الدوائر والمحافل السياسية العراقية والعربية والدولية، ابن بغداد الوفي وصديق الانكليز الامين، تقلد منصب وزير الخارجية ست مرات ، سهلت له طرق التفاهم بين الانكليز والعراق وتولى رئاسة الوزراء لمدة اربع عشرة مرة. كل ذلك كان بحكم خبرته وحنكته السياسية التي نال فيها اعجاب الانكليز،اضافة إلى ذلك فانه صاحب نكتة وروح بغدادية مرحه وله طرائف وحكايات ساخرة من بعض المظاهر السلبية في السياسة والحكم والادارة.كثر الحديث عنه في ايامنا هذه التي تشهد ازمات سياسية متتالية وتساءل البعض منا. كيف لنوري السعيد الذي تولى رئاسة الوزراء عدة مرات ان حكم العراق بمكوناته وتنوعاته القومية والعرقية والسياسية وان يرضي الشعب والانكليز في ان واحد...؟هذه التساؤلات تطرح بين الناس الان وخاصة كبار السن الذين عايشوا ايام الحكم الملكي، والذين بداوا يحنون إليه الان بعد ان راوا ظروف الحاضر الصعبة المتمثلة بالصراعات السياسية والكوارث الامنية.روى لنا احد كبار السن وهو حي يرزق حكاية طريفة عن نوري السعيد ودهائه في حل ازمات البلاد إن حصلت ومفادها كما يرويها! إن اعضاء مجلس النواب (الاعيان والشيوخ) طلبوا من وزير الداخلية انذاك إن يصدر امراً باغلاق ملاهي بيع الخمر و وبيوت البغاء في الميدان. نقل وزير الداخلية طلبهم إلى الباشا نوري السعيد رئيس الوزراء، الذي عارض الطلب واوضح لهم إن ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان، تعد اماكن مخصصة ومحصورة في هذه الاماكن المعروفة لدى الدولة وتحت اشراف الشرطة والصحة، واننا في حالة منعها واغلاقها فانها ستفتح بشكل سري وغير مشروع وبعيدة عن انظار الحكومة وفي اماكن ومناطق سكينة نظيفة، ستخلق مشاكل واثار سلبية على بقية الناس الامنين. لم يقتنع اعضاء مجلس النواب بايضاحات الباشا واصروا على طلبهم بغلق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان،مما ادى ذلك إلى خلق ازمة خلاف بين رئيس الوزراء ومجلس النواب. هذه الازمة شغلت بال وفكر الباشا وبدا يبحث لها عن حل مقنع ومرض ٍ للجميع وبعد مضي مدة قصيرة وذات يوم والباشا السعيد كان عائداً من عمله وموضوع الازمة يسيطر على عقله وبعد إن تناول غذاءه وشرب الشاي فتح جهاز المذياع وبدا يسمع ويطرب لصوت المطرب الكبير محمد القبنجي وهو يغني المقام لامي، وفي لحظات تامل وطرب وردت له فجأة لحل الازمة التي شغلت فكره وعقله فنهض من مكانه مسرعاً إلى جهاز التلفون واتصل بوزير الداخلية وطلب منه توجيه دعوة عشاء إلى اعضاء مجلس النواب مساء غد في مبنى رئاسة الوزراء في الموعد جاء المدعوون النواب ودخلوا صالة الطعام ووجدوا الموائد العامرة بكل انواع الاكلات العراقية والغربية وحتى الاكلات البغدادية الشعبية والمشروبات الروحية،وبعد إن بدأوا بتناول الطعام امر الباشا نوري السعيد الخدم العاملين في صالة الطعام وبشكل سري بغلق الحمامات والمرافق وجلب مفاتيحها إليه دون إن يعلم احد بذلك اكل النواب وشربوا وتبادلوا اطراف حديث الساعة فيما بينهم والباشا في وسطهم يجاملهم وتبادل معهم الحديث وبعد إن امتلت كروشهم اراد البعض الذهاب إلى الحمامات والمرافق فوجدوها مغلقة ولم يعرفوا سبب غلقها وبدا الضيق والتذمر على وجوههم ولم يجرؤوا باعلام الباشا السعيد بذلك مما اضطر بعضهم الخروج من صالة الطعام ليقضي حاجته في حديقة بناية رئاسة الوزراء والباشا يراقب من بعد الوضع وما يحدث بعضهم ضاق ذرعاً واراد ترك الصالة والعودة إلى منزله قبل إن يسلم على الباشا السعيد . على اثر ذلك امر نوري السعيد بفتح الحمامات والمرافق لهم حيث توجه الاغلبية منهم لها وقضوا حاجاتهم ثم دعاهم الباشا السعيد رئيس الوزراء جميعاً واوضح لهم عن الاسباب التي جعلته يأمر باغلاق الحمامات والمرافق حيث اراد إن يذكرهم بموضوع اغلاق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغي في الميدان وقال لهم مثلما فعلتم انتم عندما غلقنا الحمامات والمرافق عنكم اضطررتم قضاء حاجتكم في اماكن عامة نظيفة غيرمخصصة لقضاء الحاجة.فاولئك رواد ملاهي الخمر او بيوت البغاء في الميدان سيفعلون مثلكم سيبحثون عن اماكن عامة نظيفة وقد تكون سكنية لتنفيذ رغباتهم الخاصة وهذا سيخلق لنا مشاكل خطرة تؤذي مجتمعنا. بعدها اقتنع النواب بعد إن وصلت اليهم فكرة الباشا الطريفة وحلت الازمة وخرج الجميع راضياً.
****************************
جاءَ في كتاب "اعلام السياسة" في العهد الملكي ، ان نوري السعيد كان يعطف على معروف الرصافي ويمنحه مخصصات فكان محمود السنوي يأتى الى مجلس الوزراء بين الحين والاخر لقبض المبلغ وتسليمه الى الشاعر.
قال نوري مرة للسنوي الا يقل صاحبك، فينا شيئاً من الشعر.
فلما فوتح الرصافي بالامر قال انه الشعر كالشهيق يأتي عضواً ولا يمكن افتعاله.
وكان السعيد كلما جاء السنوي لتسلم المعونة المالية يقول له ضاحكاً الم يشهق الرصافي بعد؟
ولم يشهق الرصافي لكن القريحة اسعفته في شهر ايار 1941 فقال
زفت الينا العروس ... وزوجها الانكليس
زفت الينا زفافاً فيه الشتا والنحوس
المهر منا دماء ... والعرس حرب ضروس
وكان الرصافي قد هجا نوري السعيد قائلاً
ان نوري السعيد قد كان قبلا
ادميا فرد بالمسخ قردا
قد ابى ان يعيش حراً مع الترك
وامس للتيمسين عبدا
مثل ابليس ما اطاق سجوداً
واطاق الهوان لعنا وطرداً
***************************
 

هناك تعليقان (2):

  1. في المدزنة الاولى من طرائف الباشا فيها مبالغات ، لأن في ومن جعفر العسكري لم يكن هناك تلفزيون في بغداد ولن يدخل التلفزيون حتى ثورة اموز 1958 سوى بعص بيوت الاغنياء فقط

    ردحذف
  2. المدونه الاولى،،، لم يكن التلفزيون قد دخل العراق،،،، يعني مشكوك في المقوله

    ردحذف

Blog Tips
Blog Tips
2009@ سوالف عراقية

اشترك معنا في سوالف عراقية